elpo3po3 Admin
عدد الرسائل : 2344 العمر : 54 الموقع : قلب حبيبتي السٌّمعَة : 9 تاريخ التسجيل : 10/10/2007
| موضوع: القصيدة التائيه لابن تيمية السبت يناير 08, 2011 8:58 pm | |
| سأل أحد علماء الذميين شيخ الإسلام ابن تيميه عن القدر فقال :
أيا علماء الدين ذمي دينكم * تحير دلوه بأوضح حجة
إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم * و لم يرضه منى فما وجه حيلتي
دعاني و سد الباب عنى فهل إلى دخولي سبيل؟* بينوا لي قضيتي
قضى بضلالي ثم قال أرضى بالقضاء * فما أنا راض بالذي فيه شقوتي
فإن كنت بالمقضي يا قوم راضيا* فربى لا يرضى بشؤم بليتي
فهل لي رضا ما ليس يرضاه سيدي؟* فقد حرت دلوني على كشف حيرتي
إذا شاء ربى الكفر منى مشيئة* فهل أنا عاص في إتباع المشيئة؟
و هل لي اختيار أن أخالف حكمه؟* فبالله فاشفوا بالبراهين غلتي
فأجاب شيخ الإسلام الشيخ الإمام العالم العلامة أحمد بن تيمية مرتجلا :
الحمد لله رب العالمين...
سؤالك يا هذا سؤال معاند = مخاصم رب العرش بارى البرية
فهذا سؤال خاصم الملأ العلا * قديما به إبليس أصل البلية
و من يك خصما للمهيمن يرجعن * على أم رأس هاويا في الحفيرة
ويدعى خصوم الله يوم معادهم * إلى النار طرا معشر القدرية
سواء نفوه أو سعوا ليخاصموا * به الله أو مار واد به للشريعة
وأصل ضلال الخلق من كل فرقة * هو الخوض في فعل الإله بعلة
فإنهموا لم يفهموا حكمة له * فصاروا على نوع من الجاهلية
فإن جميع الكون أوجب فعله * مشيئة رب الخلق بارى الخليقة
وذات إله الخلق و واجبة بما * لها من صفات و واجبات قديمة
مشيئته مع علمه ثم قدرة * لوازم ذات الله قاضي القضية
وإبداعه ما شاء من مبدعاته * بها حكمة فيه و أنواع رحمة
ولسنا إذا قلنا جرت بمشيئة * من ألمنكري آياته المستقيمة
بل الحق أن الحكم لله و حده * له الخلق و الأمر الذي في الشريعة
هو الملك المحمود في كل حالة * له الملك من غير انتقاص بشركة
فما شاء مولانا إلا له فإنه* يكون و مالا لا يكون بحيلة
وقدرته لا نقص فيها و حكمه * يعم فلا تخصيص في ذي القضية أريد
بذا أن الحوادث كلها * بقدرته كانت و محض المشيئة
و ما كنى في كل ما قد أراده * له الحمد حمدا يعتلى كل مدحه
فإن له في الخلق رحمته سرت * و من حكم فوق العقول الحكيمة
أمورا يحار العقل فيها إذا أرى * من الحكم العليا و كل عجيبة
فنؤمن أن الله عز بقدرة * و خلق و إبرام لحكم المشيئة
فنثبت هذا كله لا لهنا * و نثبت ما في ذاك من كل حكمة
وهذا مقام طالما عجز الأولى * نفوه و كروا راجعين بحيرة
وتحقيق ما فيه بتبيين غوره * و تحرير حق الحق في ذي الحقيقة
هو المطلب الأقصى لو راد بحره * و ذا عسر في نظم هذى القصيدة
لحاجته إلى بيان محقق * لأوصاف مولانا الإله الكريمة
وأسمائه الحسنى و أحكام دينه * و أفعاله في كل هذى الخليقة
وهذا بحمد الله قد بان ظاهرا * و إلهامه للخلق أفضل نعمة
وقد قيل في هذا و خط كتابه * بيان شفاء للنفوس السقيمة
فقولك لم قد شاء مثل سؤال من * يقول فلم قد كان في الأزلية
وذاك سؤال يبطل العقل و جهه * و تحريمه قد جاء في كل شرعة
و في الكون نخصيص كثير يدل* من له نوع عقل أنه بإرادة
وإصداره عن و احد بعد و احد* أو القول بالتجويز رمية حيرة
و لا ريب في تعليق كل مسبب = بما قبله من علة موجبيه
بل الشأن في الأسباب أسباب ما ترى * و إصدارها عن حكم محض المشيئة
وقولك لم شاء الإله؟ هو* الذي أزل عقول الخلق في قعر حفرة
فإن المجوس القائلين بخالق لنفع* و رب مبدع للمضرة
سؤالهم عن علة السر أو قعت * أوائلهم في شبهة الثنوية
و أن ملاحيد الفلاسفة الأولى * يقولون بالفعل القديم لعلة
بغوا علة للكون بعد انعدامه * فلم يجدوا ذاكم فضلوا بضلة
وأن مبادئ الشر في كل أمة * ذوى ملة ميمونة نبوية
بخوضهمو فى ذاكم صار شركهم * جاء دروس البينات بفترة
ويكفيك نقضا أن ما قد سألته * من العذر مردود لدى كل فطرة
فأنت تعيب الطاعنين جميعهم عليك* و ترميهم بكل مذمة
وتنحل من و والاك صفو مودة * و تبغض من ناوآك من كل فرقة
وحالهم في كل قول و فعلة *كحالك يا هذا بأرجح حجة
وهبك كففت اللوم عن كل كافر * و كل غوى خارج عن محجة
فيلزمك الإعراض عن كل ظالم * على الناس في نفس مال وحرمة
و لا تغضبن يوما على سافك دما * و لا سارق مالا لصاحب فاقة
ولا شاتم عرضا مصونا و إن علا * و لا ناكح فرجا على وجه غية
ولا قاطع للناس نهج سبيلهم * و لا مفسد في الأرض في كل و جهة
ولا شاهد بالزور إفكا و فرية * و لا قاذف للمحصنات بزنية
ولا مهلك للحرث و النسل عامدا * و لا حاكم للعالمين برشوة
وكف لسان اللوم عن كل مفسد * و لا تأخذن ذا جرمه بعقوبة
و سهل سبيل الكاذبين تعمدا * على ربهم من كل جاء بفرية
وإن قصدوا إضلالك من يستجيبهم * بروم فساد النوع ثم الرياسة
و جادل عن الملعون فرعون إذ طغى * فأغرق في أليم انتقاما بغضبة
وكل كفور مشرك بإلهه * و آخر طاغ كافر بنبوة
كعاد و نمرود و قوم لصالح * و قوم لنوح ثم أصحاب الأيكة
وخاصم لموسى ثم سائر من أتى * من الأنبياء محييا للشريعة
على كونهم قد جاهدوا الناس إذ بغوا * و نالوا من المعاصي بليغ العقوبة
و إلا فكل الخلق في كل لفظة * و لحظة عين أو تحرك شعرة
و بطشه كف أو تخطى قديمة * و كل حراك بل و كل سكينة
همو تحت أقدار الإله و حكمه * كما أنت فيما قد أتيت بحجة
وهبك رفعت اللوم عن كل فاعل * فعال ردى طردا لهذى المقيسة
فهل يمكن رفع الملام جميعه * عن الناس طرا عند كل قبيحة
و ترك عقوبات الذين قد إعتدوا * و ترك الورى الإنصاف بين الرعية
فلا تضمنن نفس و مال بمثله * و لا يعقبن عاد بمثل الجريمة
و هل في عقول الناس أو في طباعهم * قبول لقول النذل ما وجه حيلتي
و يكفيك ما بجسم نقضا بن آدم صبى * و مجنون و كل بهيمة
من الألم المقضي في غير حيلة * و فيما يشاء الله أكمل حكمة
إذا كان في هذا له حكمة فما * يظن بخلق الفعل ثم العقوبة
وكيف و من هذا عذاب مولد * عن الفعل فعل العبد عند الطبيعة
كآكل سم أوجب الموت أكله * وكل بتقدير لرب البرية
فكفرك يا هذا كسم أكلته * و تعذيب نار مثل جرعة غصة
ألست ترى في هذا الدار من جنى * يعاقب إما بال قضا أو بشرعة
ولا عذر للجاني بتقدير خالق * كذلك في الأخرى بلا مثنوية
و تقدير رب الخلق للذنب موجب * لتقدير عقبى الذنب إلا بتوبة
و ما كان من جنس المتاب لرفعه * عواقب أفعال العباد الخبيثة
كخير به تمحى الذنوب و دعوة تجاب* من الجاني و رب شفاعة
وقول حليف الشر إني مقدر علي* كقول الذئب هذى طبيعتي
وتقديره للفعل يجلب نقمة * كتقديره الأشياء طرا بعلة
فهل ينفعن عذر الملوم بأنه * كذا طبعه أم هل يقال لعثرة
أم الذم و التعذيب أو كد للذي * طبيعته فعل الشرور الشنيعة
فإن كنت ترجوا أن تجاب بما عسى * ينجيك من نار الإله العظيمة
فدونك رب الخلق فاقصده ضارعا * مريدا لأن يهديك نحو الحقيقة
و ذلل قياد النفس للحق و اسمعن * و لا تعرضن عن فكرة مستقيمة
و ما بان من حق فلا تتركنه * و لا تعص من يدعو لأقوم شرعة
ودع دين ذا العادات لا تتبعنه * و عج عن سبيل الأمة الغضبية
و من ضل عن حق فلا تقفونه * و زن ما عليه الناس بالمعدلية
هنالك تبدو طالعات من الهدى * تبشر من قد جاء بالحنيفية
بملة إبراهيم ذاك إمامنا * و دين رسول الله خير البرية
فلا يقبل الرحمن دينا سوى الذي * به جاءت الرسل الكرام السجية
وقد جاء هذا الحاشر الخاتم الذي * حوى كل خير في عموم الرسالة
وأخبر عن رب العباد بأن *من غدا عنه في الأخرى بأقبح خيبة
فهذى دلالات العباد لحائر * و أما هداه فهو فعل الربوبية
و فقد الهدى عند الورى لا يفيد من غدا عنه* بل يجزى بلا وجه حجة
و حجة محتج بتقدير ربه * تزيد عذابا كاحتجاج مريضة
و أما رضانا بالقضاء فإنما *أمرنا بأن نرضى بمثل المصيبة
كسقم و فقر ثم ذل و غربة * و ما كان من مؤذ بدون جريمة
فأما الأفاعيل التي كرهت لنا * فلا ترتضى مسخوطة لمشيئة
وقد قال قوم من أولى العلم لأرضى * بفعل المعاصي و الذنوب الكبيرة
وقال فريق نرتضى بقضائه * ولا نرتضي المقضي أقبح خصلة
وقال فريق نرتضي بإضافة * إليه و ما فينا فنلقى بسخطه
كما أنها للرب خلق و أنها * لمخلوقة ليست كفعل الغريزة
فنرضى من الوجه الذي هو خلقه * ونسخط من و جه اكتساب الخطيئة
ومعصية العبد المكلف تركه * لما أمر المولى و إن بمشيئة
فإن إله الخلق حق مقاله * بأن العباد في جحيم و جنة
كما أنهم في هذه الدار هكذا = بل البهم في الآلام أيضا و نعمة
وحكمته العليا اقتضت ما اقتضت من * الفروق بعلم ثم أيد و رحمة
يسوق أولى التعذيب بالسبب الذي * يقدره نحو العذاب بعزة
و يهدي أولى التنعيم نحو نعيمهم * بأعمال صدق في رجاء و خشية
وأمر إله الخلق بين ما به يسوق * أولى التنعيم نحو السعادة
فمن كان من أهل السعادة أثرت * أوامره فيه بتيسير صنعة
ومن كان من أهل الشقاوة لم ينل * بأمر و لا نهى بتقدير شقوة
ولا مخرج للعبد عما به قضى * ولكنه مختار حسن و سوأه
فليس بمجبور عديم الإرادة * و لكنه شاء بخلق الإرادة
و من أعجب الأشياء خلق مشيئة * بها صار مختار الهدى بالضلالة
فقولك هل أختار تركا لحكمة * كقولك هل إختار ترك المشيئة
و إختار أن لا إختار فعل ضلالة* و لو نلت هذا الترك فزت بتوبة
وذا ممكن لكنه متوقف * على ما يشاء الله من ذي المشيئة
| |
|