البعبع (شيخ الحب) وزيرداخليةالشيطان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البعبع (شيخ الحب) وزيرداخليةالشيطان

دنيا سوفت لخدمات الانترنت والروحانيات
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سى – أوزير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
elpo3po3
Admin
Admin
elpo3po3


عدد الرسائل : 2344
العمر : 54
الموقع : قلب حبيبتي
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 10/10/2007

سى – أوزير Empty
مُساهمةموضوع: سى – أوزير   سى – أوزير Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 25, 2015 10:54 pm

قصة الساحر “سى – أوزير” و مباراته مع الساحر الحبشى





_______________



تعد قصة الساحر “سى – أوزير” , و هو ابن الأمير “ساتنى” (خع – ام – واس , ابن الملك رمسيس الثانى)


 من أهم قصص السحر فى مصر القديمة و أكثرها تشويقا .





كتبت هذه القصة بالخط الديموطيقى على بردية معروضة بالمتحف البريطانى .







تحكى القصة أن زوجة الأمير ساتنى ظلت فترة غير قادرة على الانجاب ,


و بعد فترة من العلاج بالوصفات السحرية أنجبت زوجة ساتنى له ابنا , أسمياه “سى – أوزير” , أى ابن أوزير .


فرح ساتنى بالطفل الوليد و اهتم برعايته و تربيته و تعليمه واكتشف “ساتنى” أن هذا الطفل يمتلك قدرات تفوق قدرات أى طفل آخر فى مثل سنه .





و فى يوم من الأيام جلس “ساتنى” مهموما , فقد سمع بأن هناك ساحرا حبشيا أتى الى قصر ملك مصر ,


و معه رسالة مغلقة و تحدى كل سحرة مصر ان كان منهم من يستطيع منهم قراءة الرسالة و هى مغلقة .


و هدد الساحر الحبشى بأنه اذا لم يظهر فى مصر من يستطيع قراءة الرسالة و هى مغلقة فسيقوم باختطاف ملك مصر و أسره فى الحبشة .





كانت تلك طامة كبرى , فالساحر الحبشى جاء الى مصر بالشر , و لن يستطيع أن يوقفه الا ساحر أقوى منه ,


و لكن “ساتنى” بكل ما لديه من معرفة بعلم السحر لم يكن يمتلك القدرة على السيطرة الساحر الحبشى .




كان “سى – أوزير” ما زال صبيا ,


عندما حدثت تلك الواقعة و عندما علم بأنها هى سبب حزن أبيه


فاجأه بأن أعلن قدرته على قراءة رسالة الساحر الحبشى و هى مغلقة 


و أنه مستعد لقبول أى تحدى يأتى به الساحر الحبشى .





و أخبر “سى – أوزير” أبيه “ساتنى” بأنه عاش من قبل على أرض مصر فى هيئة ساحر


و أنه قام بحماية مصر من شر هذا الساحر الحبشى فى زمن سابق (منذ 1500 سنة) ,




و أنه عاد الآن مرة أخرى الى الحياة بأمر من أوزير لكى يحمى مصر مرة أخرى من ذلك الشر العظيم , 




و أن تلك هى المهمة التى جاء من أجلها الى هذه الحياة .





استطاع بالفعل “سى – أوزير” أن يقرأ الرسالة المغلقة


و استطاع أن يمنع تهديدات الساحر الحبشى بخطف ملك مصر و أخذه أسيرا الى الحبشة .


 فاستمر الساحر الحبشى فى تحديه لسحرة مصر


 و فى كل مرة كان “سى – أوزير” يوقف سحره الأسود و يتفوق عليه و يحمى مصر من شروره .





فقد تحدى الساحر الحبشى سحرة مصر بأن أشعل النار فى قصر الملك


فاقام “سى – أوزير” بقراءة أكواد سحرية جعلت الأمطار تسقط و تطفئ النيران .




 ثم تحدى الساحر الحبشى المصريين بأن جعل سحبا كثيفة سوداء تتجمع فوق قصر الملك ,


و فجأة أظلمت الدنيا و لم يستطع اى شخص رؤية أى شئ حوله ,


 فقام “سى – أوزير” بقراءة أكواد سحرية جعلت السحب السوداء تنقشع و عاد النور لمصر مرة أخرى .





ثم تحدى الساحر الحبشى المصريين بأن ألقى مجموعة من العصى على الأرض فتحولت الى حيات ,


فقام “سى – أوزير” بالقاء حزامه على الأرض و قرأ أكوادا سحرية فتحول الحزام الى ثعبان ضخم التهم أفاعى الساحر الحبشى .





و لم يستسلم الساحر الحبشى ,


و انما ألقى تعويذة فأتى بمقصورة حجرية حبس بداخلها ملك مصر و عزله عن السماء و عن شعبه .


فقرأ “سى – أوزير” أكوادا سحرية أتت بقارب سماوى حمل ملك مصر الى السماء و أبعده عن مقصورة الساحر الحبشى الحجرية .




و عند ذلك أدرك الساحر الحبشى أنه مهزوم لا محالة , 


فقرأ تعويذة لكى يجعل نفسه خفيا و يستطيع الخروج من مصر و هو فى هذه الحالة من الخفاء .





و لكن “سى – أوزير” قرأ كودا سحريا جعل الساحر الحبشى يظهر للعيان فى شكل طائر وقع فريسة لأحد الطيور الجارحة .


و بعد القضاء على الساحر الحبشى و ابطال سحره , 


اختفى “سى – أوزير” فجأة , 


و عاد الى العالم الذى جاء منه .





فقد أتى من مملكة أوزير فى مهمة محددة هى حماية مصر من شر الساحر الحبشى ,


و بعد أن انتهت مهمته عاد من حيث أتى .




حزن “ساتنى” لاختفاء “سى – أوزير” , 


و لكن بعد فترة علم أن زوجته حامل , 


و لما أنجبت ولدا , أسمياه “سى – أوزير” على اسم الساحر المبعوث من مملكة أوزير لانقاذ مصر .





__________________________





من كتاب “السحر و الماورائيات فى مصر القديمة”






سى – أوزير 10437663_923711604312000_2073913334475913033_n
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
elpo3po3
Admin
Admin
elpo3po3


عدد الرسائل : 2344
العمر : 54
الموقع : قلب حبيبتي
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 10/10/2007

سى – أوزير Empty
مُساهمةموضوع: رد: سى – أوزير   سى – أوزير Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 25, 2015 10:57 pm

ذات ليلة رأت في حلمها من يقول لها :
ألست أنت (ميح أوزشت). زوجة (سي توم) الراقدة (الآن) في المعبد، لكي تحصل على البركة (من الله)، فإذا أشرق صباح الغد امضي إلى بيت زوجك، وهناك ستجدين نبتة بطيخ قد نمت، (فاكسري فرعاً منها) بثماره التي يحملها، واطحنيها، واصنعي منها بلسماً تضعينه في الماء وتشربينه، فتحصلي في نفس الليلة على طفل .
لما رأت (ميح أوزشت) ذلك في حلمها، قامت بفعل كل ما قيل لها في الحلم، ثم رقدت بجوار (سي توم)، زوجها، فحملت منه .
وعندما حان وقت التطهر، بانت عليها الإمارات التي تظهر على المرأة الحامل، فقام (سي توم) بإخبارالفرعون بذلك في الحال، فقد كان قلبه فرحاً للغاية .
وكان أن علق في (جيدها) تميمة، وقرأ (على رأسها) تعويذة .
وذات ليلة نام (سي توم)، فرأى في حلمه من يخاطبه، ويقول له : " لقد حملت زوجتك (ميح أوزشت) منك طفلاً في تلك الليلة، وهذا الطفل يجب تسميته (سي أوزير)، ولسوف يصنع المعجزات الكثيرة من أجل مصر".
لما رأى (سي توم) ما رآه في حلمه، استيقظ وكان قلبه فرحاً للغاية .
أما الأم فكانت تشعر أثناء شهور الحمل بالطبيعة العجيبة لهذا الجنين .
فلما حان وقت الوضع ولدت طفلاً ذكراً .
وحُمل الخبر إلى (سي توم) فأطلق عليه (سي أوزير) – كما قيل له في الحلم – ثم أخذه بين ذراعيه .
ثم هدهدوه وأرضعوه .ولما بلغ (سي أوزير) عاماً من عمره قال الناس عنه : إنه في الثانية .
ولما بلغ الثانية قالوا عنه أنه في الثالثة .
أما (سي توم)، فكان لا يدع ساعة تمر لا يرى فيها الطفل (سي أوزير)، فقد فاق حبه كل الحدود .
ثم كبر الطفل، ولما اشتد عوده على نحوٍ كاف، أُرسل الى المدرسة. وبعد زمن قصير صار يعرف كل شئ أفضل من المعلم القائم على تعليمه.
وبدأ الصبي (سي أوزير) يتلو النصوص المقدسة في " بيت الحياة"(1) في (معبد بتاح)(2)، وكان كل من يسمعه يرى فيه أعجوبة البلاد .
وكانت أمنية (سي توم) العظمى أن يقدمه إلى الفرعون في العيد، حتى يقارن بينه وبين كل حكماء البلاد .
وذات يوم، بعد أن تطهر (سي توم) للعيد في داره – كما جرت العادة – حُمل إليه (سي أوزير) لكي يحضر معه العيد .
وذات يوم آخر حدث أن سمع (سي توم) نحيباً عالياً، فنظر من نافذة بيته، فرأى رجلاً غنياً يشيع إلى المدافن في الصحراء، مصحوباً بعويلٍ عالٍ، وتكريمٍ كبير، ومتعلقات فخمة. وذات مرة أخرى حدث أنه نظر فرأى رجلاً فقيراً محمولاً من (منف) (3) إلى الصحراء، وقد لف جثمانه في حصير فقط، ولم تصحبه أية متعلقات .
فقال (سي توم) : " بحق "بتاح"، الإله الأعظم، إن حال الأغنياء أفضل بكثير، فهم يشيعون إلى القبر بنحيب عال ومتعلقات فخمة، بينما الفقراء يدفنون بلا مشيعين أو أي شئ آخر " .
وهنا قال الصبي (سي أوزير) لأبيه : " فليكن حظك في العالم الأخر مثل حظ هذا الفقير، ولا يكن نصيبك مثل نصيب الغني، عندما تنتقل في المستقبل إلى عالم الموتى " .
لما سمع (سي توم) هذا الكلام من الصبي (سي أوزير) اضطرب قلبه للغاية، وقال : " أيكون ما سمعت هو صوت ابني ؟ " .
فأجابه الصبي : " إن شئت أريتك الفقير المحمول إلى الصحراء بلا موكب أو متعلقات، والثري الذي دفن يحيطه النحيب العالي والتكريم العظيم " .
فسأله (سي توم) : " كيف تستطيع فعل ذلك ؟ " .
فأخذ (سي أوزير) أباه من يده وصحبه إلى مكان (في الصحراء غرب (منف)) لا يعرفه الأخير. وهناك وجد بناء به سبعة أروقة مكتظاً بالناس، فدخلا الرواق الثالث ونظرا ..
فلما دخلا الرواق الرابع، رأى (سي توم) أُناساً يبرمون حبالاُ، بينما الحمير خلفهم تأكلها، وكان هناك آخرون قد علق زادهم من ماء وخبز فوق رؤوسهم، وبينما كانوا هم يقفزون ليلتقطونه كان هناك آخرون يحفرون تحت أقدام هؤلاء ليحولوا بينهم وبين الإمساك به .
ثم دخلا الرواق الخامس، فرأى فيه (سي توم) أصحاب الوجوه السمحاء والمنزلة العالية، صفوفاً صفوفاً، أما المذنبون أصحاب الآثام فكانوا واقفين على الباب يستعطفون .
وكان هناك رجل يستعطف ويصرخ مولولاً وقد دخل في عينه طرف باب الرواق الخامس .
ثم دخلا الرواق السادس، وفيه رأى (سي توم) آلهة محكمة الآخرة مصطفين، بينما حجاب الآخرة يتلون الإتهامات .
ثم دخلا الرواق السابع، وفيه رأى (سي توم) (طيف) "أوزوريس"(4)، مستوياً على عرشه المصنوع من الذهب الخالص، متحلياً بتاجه الأبيض. وكان على يساره الإله العظيم "أنوبيس"(5)، وعلى يمينه الإله العظيم "تحوت"(6). أما آلهة المحكمة فكانوا مصطفين عن يمينه وعن شماله، وقد أقاموا الميزان في الوسط، وسارت السيئات توزن مقابل الحسنات .
وكان الإله العظيم يمسك بالكتاب، بينما "أنوبيس" يملي على رفيقه البيان. فإن بدت سيئات أحدهم أكثر من حسناته، أُلقي به إلى الملتهمة(7) خادمة سيد الآخرة، فتأتي على جسده وروحه معاً، ولا يسمح له أن يتنفس أبداً .
أما إن زادت حسنات أحدهم على سيئاته، فإنه ينتقل إلى آلهة سيد الآخرة، وترتفع روحه إلى السموات، مع أصحاب الوجوه السمحاء والمنزلة العالية .
وأما إذا تساوت حسنات أحدهم مع سيئاته، فإنه ينتقل إلى الأرواح المباركة التي تخدم الإله "سقر – أوزيريس"(8) .
وهنا رأى (سي توم) رجلاً وجيهاً يرفل في رداء ملكي على مقربة من "أوزوريس"، وقد أنزل منزلة عالية للغاية، فاندهش (سي توم) لما رآه في العالم الأخر. وخرج (سي أوزير) أمامه وقال له : " أبي (سي توم)، ألم تشهد هذا الرجل الوجيه ذا الرداء الملكي الكائن بالقرب من "أوزوريس" ؟ إنه هو الرجل الفقير الذي رأيته خارجاً من (منف) بلا مشيعين، ملفوفاً في حصيرة فقط، وقد انتقل إلى العالم الأخر، فوزنت سيئاته التي اقترفها على الأرض، فوجدت حسناته قد فاقت سيئاته، قياساً بمدة حياته التي كتبها له "تحوت" عند ميلاده، وقياساً بحظه على الأرض. وهكذا صدر الأمر أمام "أوزوريس" بأن تذهب متعلقات الثري، الذي شهدته خارجاً من (منف) بنحيب كثير، إلى هذا الرجل الفقير، وكذلك أن ينتقل إلى أصحاب الوجوه السمحاء والمنزلة العالية، كرجل يخدم "سقر– أوزيريس"، على مقربة من "أوزيريس" .
أما ذلك الثري الذي رأيته فقد انتقل إلى العالم الأخر، وقد قورنت سيئاته بحسناته، ففاقت سيئاته حسناته التي فعلها على الأرض. وهكذا صدر الأمر بانتقاله إلى العالم الأخر ليتلقى جزاءه، فكان هو الرجل الذي رأيته وقد دخل طرف باب العالم الأخر في عينه اليمنى، بينما فغر فاهه صارخاً مولولاً. فبحق "أوزوريس"، الإله العظيم، سيد العالم الأخر، عندما قلت في الأرض فليكن حظك مثل حظ هذا الفقير، ولا يكن نصيبك كنصيب ذلك الثري، كنت أعرف ما سيحدث له " .
وهنا قال (سي توم) : " ابني (سي أوزير)، إن الأعاجيب التي رأيتها في العالم الأخر كثيرة، فدعني الآن أعرف حكاية هؤلاء الناس الذي يبرمون حبالاً بينما الحمير خلفهم تأكلها. وحكاية الآخرين الذي كان زادهم – ماءً وخبزاً – معلقاً فوقهم، وفي كل مرة يقفزون ليمسكوا به، يقوم أناس آخرون بالحفر تحت أقدامهم ليمنعوهم من لمسه " .
فقال (سي أوزير) : " حقاً يا والدي (سي توم)، إن الناس الذين رأيتهم يبرمون حبلاً بينما الحمير خلفهم يأكلونه ؛ هم هؤلاء الناس الذين لعنهم الله على الأرض، فهم يكدون ليل نهار في سبيل قوتهم، بينما نساؤهم خلفهم يأخذون كل شيء، فلا يجدون خبزاً يأكلونه، وقد جاء أيضاً هؤلاء على العالم الأخر، فكانت سيئاتهم أكثر من حسناتهم، ووُجد أن ما كان يحدث لهم على الأرض يجب أن يجري عليهم في العالم الأخر. أما عن الآخرين الذين رأيتهم وقد عُلق زادهم من ماء وخبز فوق رؤوسهم، وفي كل مرة يقفزون ليلتقطوا منه شيئاً قام أناس آخرون بالحفر تحت أقدامهم، ليحولوا بينهم وبين الإمساك به، فهم يتساوون مع أُناس على الأرض يكون أمامهم رزقهم، ولكن الله يحفر تحت أقدامهم ليمنعهم من الكسب. وقد جاءوا أيضاً إلى العالم الأخر، وما جرى لهم في الدنيا جرى لهم في الأخرة. أما أرواحهم فقد نزلت إلى العالم السفلي. فليقر في قلبك يا والدي (سي توم) أن من فعل خيراً في الدنيا لقى خيراً في الآخرة، ومن فعل الشر في الدنيا لقى الشر في الآخرة. هذا هو ما يحدث وسيظل هكذا إلى الأبد .
وما رأيته في (منف) يحدث مثله في الأقاليم الاثنين والأربعين التي يعقد فيها قضاء "أوزوريس"، الإله العظيم " .
وبهذا أنهى (سي أوزير) حديثه إلى أبيه (سي توم). ثم هبط ثانية من صحراء (منف)، فعانقه أبيه (سي توم)، ومضيا يداً في يد.لما بلغ الفتى (سي أوزير) الثانية عشرة من عمره، صار لا يوجد كاتب أو عالم في (منف) يضارعه في كتابة أو تلاوة تعاويذ السحر.
وفي يوم من الأيام دخل (رمسيس الثاني) بلاط القصر في (منف)، فوقف حوله في البلاط مجلس الأمراء والقواد ورجالات مصر، كلٌ حسب رتبته، وكان أن دخل من يبلغ جلالته : " ثمة خبر جاء به أمير حبشي عبارة عن رسالة مختومة بالشمع وضعها على جسده " .
فلما أُبلغ الفرعون بذلك، تم اقتياد (الأمير) إلى البلاط، فقدم فروض الطاعة وقال : " هل يوجد هنا من يستطيع قراءة هذه الرسالة التي حملتها إلى مصر، على ألا يفض الختم، أي يتلو الرسالة دون أن يفتحها، فإذا تبين أنه لا يوجد كاتب جيد أو رجل عالم في مصر يستطيع قراءتها دون فتحها، فإنني سوف أفضح مصر في وطني، بلاد الزنج ".
لما سمع الفرعون وأمراؤه هذا الحديث مادت بهم الأرض من فرط حيرتهم، وقالوا : " بحق "بتاح"، الإله العظيم، هل يستطيع أفضل الكتاب والعلماء أن يقرأ رسالة لا يرى منها إلا ظاهرها ؟، من يستطيع قراءة الرسالة دون أن يفتحها ؟ " .
هنا صاح الفرعون : " استدعوا ولدي (سي توم خعموزا) ".
فاستدعوه وأحضروه في الحال .
فانحنى حتى لامس الأرض محيياً الفرعون، ثم استوى على قدميه قارئاً فروض الطاعة للفرعون .
ثم قال له الفرعون : " ولدي، (سي توم)، أسمعت الكلام الذي تفوه به أمامي هذا الأمير الحبشي : هل يوجد في مصر كاتب جيد أو رجل عالم يستطيع قراءة الرسالة التي بيدي دون أن يفض الختم، ويعرف فحواها دون أن يفتحها ؟ " .
عندما سمع (سي توم) هذا الحديث مادت به الأرض، وقال : "مولاي العظيم، من هذا الذي يستطيع قراءة رسالة دون فتحها ؟ غير أني أود أن تمهلني عشرة أيام، لأرى ماذا أستطيع فعله لأحول دون فضح مصر في بلاد الزنج، بلاد آكلي المطاط ".
فقال الفرعون : " لك ما طلبت، يا ولدي (سي توم) " .
ثم كان أنه خصص استراحة للرجل الحبشي، وأُعد له الطعام على الطريقة الحبشية .
وخرج الفرعون من البلاط وقد تعدت حيرته كل الحدود. فرقد لا يقرب طعاماً أو شراباً .
أما (سي توم) فقد مضى إلى داره محتاراً، وغطى نفسه بملابسه من رأسه حتى قدميه، وقد دارت به الأرض، فلما وصل الخبر إلى زوجته (ميح أوزشت) أتت إلى (سي توم)، ووضعت يدها تحت ملابسه فلم تشعر بالدفء، أما هو فكان قد رقد بملابسه بلا حراك .
فقالت له : " أخي (سي توم)، صدرك ليس به دفء، وجسدك ليس به حياة، بل إن في قلبك حزن ونكد ".
فقال لها هو : " دعيني يا أختاه، (ميح أوزشت)، فالذي يكدر قلبي لا يحق لي أن أطلع عليه امرأة " .
ثم دخل الفتى (سي أوزير) ووقف أمام أبيه (سي توم)، وقال له : " أبي (سي توم) لماذا ترقد وبقلبك مثل هذا الألم ؟ أفض إلي بمكنون قلبك فأسري عنك " .
ولكنه رد قائلاً : " دعني يا ولدي (سي أوزير)، فأنت مازلت صغيراً على ما في قلبي، ولم تكبر بما فيه الكفاية، فاهتم بأمر نفسك فقط " .
ولكن (سي أوزير) قال : " بح لي به فأريح قلبك منه " .
هنا قال (سي توم) : " ولدي (سي أوزير)، قد هبط مصر أمير من الحبشة حاملاً رسالة على جسده مختومة بالشمع وقال : هل يوجد هنا من يستطيع قراءتها دون فتحها ؟ فإذا ظهر أنه لا يوجد كاتب جيد أو رجل عالم في مصر يستطيع قراءتها (دون فتحها) فإني سوف أفضح مصر في وطني، بلاد الزنج، و الآن فإني راقد بقلب حزين للغاية، يا ولدي (سي أوزير) " .
لما سمع (سي أوزير) هذا الكلام ضحك لبرهة .
فقال له (سي توم) : " مما تضحك ؟ " .
فأجابه : " إني ضاحك من رقودك بقلب حزين بسبب هذا الأمر البسيط. انهض يا والدي (سي توم)، فأنا بمقدوري قراءة الرسالة المحمولة إلى مصر دون أن أفتحها، وأن أعرف فحواها دون أن أفض ختمها " .
عندما سمع (سي توم) هذا الكلام نهض في الحال وقال : " ماذا يعني هذا الذي قلته، يا ولدي (سي أوزير) ؟ " .
فقال له : " والدي (سي توم)، امض إلى قبو بيتك، وكل كتاب ستأخذه من الخزانة سوف أخبرك به، وسوف أتلوه دون أن أراه، بل وأمامك في القبو " .
فنهض (سي توم) مستوياً على قدميه، ونفذ كل ما قاله (سي أوزير) بدقة .
فقرأ (سي أوزير) كل كتاب أخرجه أبوه (سي توم) دون أن يفتحه. فصعد (سي توم) من القبو إلى داره وهو فخور فرح، ولم يتباطأ في الذهاب إلى الفرعون ليخبره بكل ما قاله له الفتى (سي أوزير)، وكان قلبه جزلاً للغاية .
وبينما كان الفرعون يتطهر مع (سي توم) سوياً من أجل العيد، استدعى (سي أوزير) أيضاً للمثول أمامه، فشربوا واحتفلوا بيومٍ جميل .
وعندما أشرق صباح اليوم التالي، ظهر الفرعون بين رجالاته في البلاط، واستدعى الأمير الحبشي، فأُحضر إلى البلاط ومعه رسالته المختومة على جسده، فوقف في وسط البلاط. ثم تقدم (سي أوزير) إلى الوسط، ووقف بجوار الأمير الحبشي وصاح به : " ويحك أيها الحبشي البائس، يا من يبغي تحطيم ربه "آمون"، وجاء مصر، بستان "أوزوريس" البديع، مقعد "حور آختي"(10)، موطن المصير الحسن، من أجل أن يعلن : أريد فضح مصر في بلاد الزنج. لسوف ينصب عليك غضب "آمون"(11)، إلهك، أما الكلام الذي سأنطقه الآن فهو مسطور في رسالتك، فلا تشهد زوراً أمام الفرعون، مليكك " .
فلما رأى الأمير الحبشي الفتى (سي أوزير) واقفاً في البلاط، نكس رأسه إلى الأرض وقال : " لن أشهد زوراً على أي كلمة تنطق بها " .
وهنا تبدأ القصص التي رواها (سي أوزير) أمام الفرعون وأمرائه، بينما كان شعب مصر ينصت إليه. فقال : " إن فحوى رسالة الأمير الحبشي الواقف هنا كالتالي : في عهد الفرعون (منخ بارع)، ابن "آمون"، الملك الفاضل على كل البلاد، كان الرخاء في عصره يعم الجميع في البلاد، وكان كريماً في العطاء والمنح، وناجزاً للأعمال في معابد مصر العظيمة .
وذات يوم حدث أن حاكم بلاد الزنج كان يستريح في عريش أحد حقول بلاد "آمون"، فسمع أصوات ثلاثة أمراء أحباش، وافته من دار خلفه .
وقد قال أحدهم بصوتٍ عال : " لولا أنني أخشى أن يصيبني "آمون" بسوء، أو يتخذ ملك مصر شيئاً فظيعاً ضدي، لكنت ألقيت سحري على مصر، فأجعل شعبها يقضي ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ لا يرى ضوءاً آخر، غير ضوء مصابيح الزيت ".
وقال واحدٌ آخر منهم : " لولا أنني أخشى أن يصيبني "آمون" بسوء أو يتخذ ملك مصر شيئاً فظيعاً ضدي، لكنت ألقيت بسحري على مصر، فاجعل فرعون مصر يُحمل إلى بلاد الزنج، فيُضرب خمسمائة جلدة في العلن أمام الحاكم، ثم أعيده ثانية إلى مصر في ست ساعات بالضبط ".
أما الثالث فقال : " لولا أنني أخشى أن يصيبني "آمون" بسوء أو يتخذ ملك مصر شيئاً فظيعاً ضدي، لكنت ألقيت بسحري على مصر، فاجعل البلاد تجدب ثلاث سنوات " .
عندما سمع الحاكم كلام الأمراء الثلاثة، أمر باستدعائهم، وقال لهم : " من منكم الذي قال : أريد أن ألقي سحري على مصر فاجعلها لا ترى النور ثلاثة أيام وثلاث ليال؟ " .
فأجابوا : " إنه (حورس) ابن الخنزيرة " .
ثم سأل : " من منكم الذي قال أريد أن ألقي سحري على مصر، فيُحمل الفرعون إلى بلاد الزنج، فيُضرب خمسمائة جلدة في العلن أمام الحاكم، ثم أعيده إلى مصر ثانية في ست ساعات بالضبط " ؟.
فأجابوا : " إنه (حورس) ابن الزنجية " .
ثم سأل : " من منكم الذي قال أريد أن ألقي سحري على مصر فأجعل البلاد تجدب ثلاث سنوات " ؟ .
فأجابوا : " إنه (حورس) ابن الأميرة " .
فقال الحاكم لـ(حورس) ابن الزنجية : " فلتعمل سحرك وبحياة "آمون"، ثور مروى، ربي، إن وفقت في عملك هذا فلسوف أهبك طيبات كثيرة " .
فقام (حورس) ابن الزنجية بصنع محفة من الشمع وجعل لها أربعة حمالين. ثم تلا عليهم تعويذة، ونفخ فيهم من نَفَسه، فدبت فيهم الحياة، ثم أمرهم بالتالي : " اهبطوا مصر واحملوا الفرعون إلى هنا حيث يجلس الحاكم، ليضرب خمسمائة جلدة في العلن أمام الحاكم، ثم ارجعوا به إلى مصر في ست ساعات".
فقالو : " ها، حسناً، لن ندع شيئاً من هذا " .
وأسرعت المخلوقات السحرية إلى مصر ليلاً، وأخذت الفرعون (منخ بارع)، وأتت به إلى بلاد الزنج حيث كان الحاكم، فضُرب خمسمائة جلدة في العلن أمام الحاكم، ثم أرجعته إلى مصر ثانية في ست ساعات بالضبط " .
بعد أن روى (سي أوزير) هذه القصة علناً أمام الفرعون وأمرائه، وشعب مصر ينصت إليه، قال :
" سوف يحل بك غضب "آمون"، ربك، أليس الكلام الذي قلته هو نفسه المسطور في رسالتك، التي بيدك ؟ " .
فقال الأمير الحبشي : " واصل القراءة، مثلما كنت تفعل، فكل كلمة قلتها صحيحة " .
وهنا قال (سي أوزير) أمام الفرعون :
" ولما تم لهم هذا، أعادوا الفرعون، ابن "آمون"، إلى مصر وعلى ظهره علامات الضرب المبرح، فرقد في مخدعه بالقصر وبظهره الضرب الموجع. وعندما أشرق صباح اليوم التالي قال الفرعون لرجال بلاطه : " ماذا حل بمصر أثناء غيابي عنها " .
وبدافع الخجل من أفكارهم الحقيقية (أن يكون الفرعون قد أصيب بلوثة) قالوا : " سلامتك، سلامتك أيها الفرعون، مولانا العظيم، سوف تُبريء "إيزيس"(12)، الإلهة العظيمة، آلامك. ما معنى كلامك الذي قلته لنا أيها الفرعون، مولانا العظيم، أنت ترقد بمخدعك بالقصر والآلهة تحميك " .
وهنا نهض الفرعون، وجعل رجال البلاط ينظرون ظهره وبه علامات الضرب المبرح، وقال : " بحق "بتاح"، الإله العظيم، قد حُملت ليلاً إلى بلاد الزنج، وضُربت خمسمائة جلدة في العلن أمام الحاكم، ثم حُملت ثانية إلى مصر في ست ساعات بالضبط ".
فلما رأوا ظهر الفرعون وبه علامات الضرب المبرح، شهقوا عالياً مولولين .
وكان لـ(منخ بارع)، ابن "آمون"، كبير سحرة يدعى (حورس) ابن (باعنخ)، وكان عالماً لا مثيل له. فأتى إلى الفرعون وصاح صيحة مدوية وقال : " مولاي لقد كان هؤلاء سحرة الحبشة، فبحياة (...) سوف أجيء بهم إلى بيت القصاص والإعدام " .
فأجابه فرعون : " فلتسرع بذلك من أجلي، ولا تدعني أُحمل مرة أخرى ليلاً إلى بلاد الأحباش " .
وفي الحال مضى (حورس) كبير السحرة، وأتى بكتبه وتمائمه إلى الفرعون، وتلا عليه تعويذة، وربط عليه تميمة، حتى لا تأخذه مخلوقات الحبشة المسحورة. ثم ترك الفرعون وأخذ قرابين، وركب زورقاً، ومضى في الحال إلى (خمون) (13)، حيث أتى (معبد خمون)، ووضع القرابين أمام "تحوت"، التاسوعي(14) العظيم، سيد (خمون)، الإله العظيم .
ثم أدى الصلاة أمامه، حيث قال : " التفت إلي بوجهك يا مولاي "تحوت"، لا تدع الأحباش يفضحون مصر في بلاد الزنج، فأنت الذي أبدعت تعاويذ السحر، وأنت من رفع السماء ووضع الأرض والعالم الأخر، ووضع الأرباب ومعابدها في أماكنها، دعني أعرف كيف أُنقذ الفرعون من مخلوقات الحبشة المسحورة".
ثم رقد (حورس) ابن (باعنخ) في المعبد .
وفي الليلة ذاتها، رأى في حلمه طيف الإله العظيم "تحوت" يخاطبه ويقول له : " ألست (حورس) ابن (باعنخ)، كبير سحرة الفرعون (ماعنخ بارع)، ابن "آمون" ؟ .
عندما يشرق صباح الغد امض إلى مكتبة معبد (خمون)، وهناك ستجد صندوقاً مغلقاً بالشمع، فافتحه وستجد في هذا الصندوق علبة بها برديات، كتبتها بيدي هذه، فأتي بها وانسخها، ثم ارجعها إلى مكانها ثانية، وهي تحمل عنوان : "كتاب فن السحر"، وهو الذي حماني من الكفار، ولسوف يحمي الفرعون أيضاً، وينقذه من مخلوقات الحبشة المسحورة " .
أفاق (حورس) ابن (باعنخ) من حلمه لما رأى ذلك، وأدرك أن ما حدث ليس إلا رسالة من الإله. فنفذ متفانياً كل كلمة قيلت له في الحلم .
ثم ذهب في الحال إلى الفرعون، وحماه من تعاويذ السحر .
ولما حل اليوم التالي، وهبطت مخلوقات (حورس) ابن الزنجية المسحورة إلى مصر ليلاً، عادت مرة أخرى في نفس الساعة إلى الحاكم، لأنها لم تستطع أخذ الفرعون، بفعل التميمة الواقية والسحر الذي وضعه (حورس) ابن (باعنخ) على الفرعون .
ولما حل اليوم التالي، قص الفرعون على كبير السحرة (حورس) ابن (باعنخ) كل ما رآه في الليل، وكيف اضطرت مخلوقات الحبشة المسحورة إلى العودة، لأنها لم تستطع أخذه .
فأحضر (حورس) ابن (باعنخ) كثيراً من الشمع النقي، ثم صنع منه محفة وأربعة حمالين، وتلا عليهم تعويذة ونفخ فيهم من نَفَسه، فدبت فيهم الحياة، ثم أمرهم بالتالي : " يجب أن تمضوا الليلة إلى بلاد الزنج، وتجيئوا بالحاكم إلى مصر، حيث يجلس الفرعون، فيُضرب خمسمائة جلدة في العلن أمام الفرعون، ثم تعودوا به مرة أخرى إلى بلاد الزنج، كل ذلك في ست ساعات ".
فقالوا : " ها، حسناً، لن ندع شيئاً من هذا " .
ومضت مخلوقات (حورس) تحت سحابة السماء، وهبطت في الحال إلى بلاد الزنج ليلاً، فأخذت الحاكم وحملته إلى مصر، حيث ضُرب خمسمائة جلدة، ثم أعادته إلى بلاد الزنج في ست ساعات بالضبط ".
وكانت هذه هي القصص التي رواها (سي أوزير) أمام الفرعون وأمرائه، وشعب مصر ينصت إليه .
ثم قال : " سيحل بك غضب "آمون"، ربك، أيها الحبشي البائس. أليس الذي نطقت به هو نفسه المسطور في هذه الرسالة ؟ " .
فقال الحبشي، ورأسه منكسة إلى الأرض : " واصل القراءة، كما كنت تفعل، فكل كلمة قلتها مسطورة في هذه الرسالة " .
وهنا قال (سي أوزير) :
" لما تم كل هذا، أُعيد الحاكم إلى بلاد الزنج و وُضع في مكانه، فرقد هناك. وفي الصبح نهض وبه علامات الضرب المبرح الذي ناله في مصر. (فقال لكبار قبيلته) : " هناك من ضربني خمسمائة جلدة، أمام فرعون مصر، ثم أعادني إلى بلاد الزنج " .
ثم أدار ظهره للكبار، ففغروا أفواههم وصرخوا مولولين. فأرسل الحاكم إلى (حورس) ابن الزنجية، وقال له : " فليلعنك "آمون"، ثور مروى، ربي، يجب أن تمضي إلى هؤلاء المصريين، وتنظر كيف تخلصني من يد (حورس) ابن (باعنخ) " .
ولما حل ليل اليوم الثاني ؛ أبحرت مخلوقات (حورس) ابن (باعنخ) المسحورة إلى بلاد الزنج، وحملت الحاكم (ثانية) إلى مصر، حيث ضُرب خمسمائة جلدة في العلن أمام الفرعون، ثم أُعيد إلى بلاد الزنج، كل هذا في ست ساعات .
حدث هذا للحاكم ثلاثة أيام، دون أن تستطيع مخلوقات الحبشة المسحورة إنقاذ الحاكم من يد (حورس) ابن (باعنخ). فيأس الحاكم يأساً تاماً، وأرسل إلى (حورس) ابن الزنجية وقال له : "ويحك أيها الحبشي البائس، لقد أذللتني بيد المصريين، ولم تستطع إنقاذي من يدهم. فبحياة "آمون"، ثور مروى، ربي، إن حدث ولم تنقذني من مراكب السماء المصرية، فسوف أجعلك تلقى موتاً بشعاً " .
فأجابه: " سيدي وزعيمي، دعني أهبط مصر، فأرى من يعمل السحر هناك، فأصارعه وأذيقه المرارة التي في قلبي " .
فأطلق الحاكم (حورس) ابن الزنجية، فمضى أولاً إلى أمه الزنجية. (فأخبرها بكل ما وقع وسألها النصيحة فقالت له أمه التالي) : " لما تهبط مصر لتعمل سحرك هناك ؛ فخذ حذرك من المصريين، فأنت لا تقوى عليهم. حذارِ أن تقع في أيديهم، فلا تعود مرة أخرى إلى بلاد الزنج " .
فقال: " ما قلته الآن لا يجدي، فأنا لا أستطيع تجنب الذهاب إلى مصر إن شئت إلقاء المخلوقات السحرية هناك ".
فقالت له أمه الزنجية : " إن ذهبت إلى مصر، فدعنا (على الأقل) نتفق على إشارة بيني وبينك. فإذا وقع المحظور وهُزمت آتي إليك وأرى كيف أنقذك " .
فقال لها : " إن لم يكن هناك بُد وهُزمت، فعندما تشربين أو تأكلين سوف تجدين الماء يتخذ لون الدم، والخبز أمامك لون اللحم، والسماء تأخذ لون الدم ".
اتفق (حورس) ابن الزنجية مع أمه على هذه الإشارة، ثم هبط مصر ممتلئاً عن آخره بالسحر.
ورحل من البلد الذي خلقه "آمون" حتى وصل (منف)، حيث كان الفرعون، واقتفى أثر من يعمل السحر في مصر، ثم أتى إلى بلاط الفرعون، وقال بصوتٍ عال : " ويلك يا من تعمل السحر ضدي في البلاد، حيث الفرعون وأمام أنظار شعب مصر. وأنتما يا كاتبا بيت الحياة، خاصة أنت يا كاتب بيت الحياة، يا من تعمل السحر ضد الحاكم، وحملته إلى مصر رغماً عني ".
وعندما تفوه بهذا الكلام، نهض (حورس) ابن (باعنخ) في البلاط أمام الفرعون، وقال : " ويحك أيها الحبشي البائس، ألست (حورس) ابن الزنجية، الذي أنقذته أنا في بستان "رع"(15)، وكذلك رفيقك الحبشي الذي كان معك (حينذاك)، لما غرقتما في الماء، بعد أن وقعتما من التل الشرقي في (أون). ألا تندم على خطفك للفرعون، مولاك، وضربك ظهره هناك حيث كان الحاكم؟، أنت يا من هبط مصر وقال : ألا يوجد من يباريني في السحر؟. فبحق "أتوم"(16)، سيد (أون) (17)، قد أعادتك آلهة مصر (إلى هنا) لتنتقم منك في بلادها، فتماسك إني قادم إليك ".
بعد أن قال (حورس) ابن (باعنخ) ذلك، رد عليه (حورس) ابن الزنجية بالتالي : " أليس هذا هو من علمته لغة الذئاب، هو الذي يريد مباراتي في السحر الآن ؟ ".
وألقى الأمير الحبشي بتعويذة سحر، فجعل النار تشب في البلاط، فصرخ الفرعون وأمراء مصر صرخة مدوية، وقالوا : " تعال إلينا بسرعة يا (حورس) ابن (باعنخ)، يا كبير السحرة " .
فتلا (حورس) ابن (باعنخ) تعويذة، جعلت السماء تنزل مطراً مدراراً، فنزل على النار واطفأها في الحال.
فألقى الأمير الحبشي مرة أخرى بتعويذة جعلت سحابة كثيفة تغشى البلاط، فصار الرجل لا يرى أخاه أو رفيقه.
فتلا (حورس) ابن (باعنخ) تعويذة على السماء جعلت السحابة تنقشع، وأوقفت الريح الشريرة التي كانت تحملها.
ثم ألقى (حورس) ابن الزنجية مرة أخرى بتعويذة، فظهر قبو من الحجر طوله مائتا ذراع وعرضه خمسون ذراعاً، على الفرعون وأمرائه، ففصل بين مصر والملك، وصارت البلاد بلا حاكم .
نظر الفرعون إلى السماء، فلم ير فوقه إلا قبواً من حجر، ففغر فاهه، وأطلق صرخة مدوية، وكذلك فعل الشعب كله الذي كان في البلاط.
فتلا (حورس) ابن (باعنخ) تعويذة فظهرت مركب سماوية، حملت القبو و مضت به إلى البحيرة العظيمة، بحر مصر العظيم.
وهنا أدرك الأمير الحبشي أنه لايقوى على المصري، فقرأ تعويذة كى تخفيه فلا يراه أحد في البلاط، قاصداً بذلك الفرار إلى وطنه، بلاد الزنج. فألقى (حورس) ابن (باعنخ) بتعويذة ضده، فأبطل سحر الحبشي، وجعل الفرعون يراه، وكذلك شعب مصر الواقف في البلاط.
فاتخذ هيئة ذكر الأوز، والتمس طريق الفرار.  ولكن (حورس) ابن (باعنخ) ألقى تعويذة جعلته ينقلب على ظهره، وجعل صياداً يقف عليه وبيده سكيناً مستعداً للقضاء عليه.
لما وقع ذلك بانت الإشارة التي اتفق عليها (حورس) ابن الزنجية مع أمه. فهبطت إلى مصر في الحال على هيئة أوزة برية وقفت على قصر الفرعون، وزعقت على ابنها، الذي كان على هيئة ذكر أوز بري، بينما كان الصياد يقف عليه. فرفع (حورس) ابن (باعنخ) نظره إلى السماء، فرأى الزنجية في الهيئة المسحورة التي كانت عليها، بينما كان السكين بيده مستعداً للقضاء عليها.
فبدلت هيئتها واستحالت إلى امرأة حبشية، وتوسلت: " لا تجعل هذه نهايتنا يا (حورس) ابن (باعنخ)، بل اغفر لنا خطيئتنا، وإن أعطيتنا مركباً سماوية، فلن نعود إلى مصر أبداً أبداً " .
فأقسم (حورس) ابن (باعنخ) بالفرعون وبآلهة مصر القسم التالي: " لن أجعل سحري يسري حتى تقسما لي ألا تهبطا مصر مرة أخرى لأي غرض من الأغراض" .
فرفعت الزنجية يدها (للقسم) بألا تعود مرة أخرى إلى مصر أبداً، وأقسم (حورس) ابن الزنجية: " لن أهبط مصر ثانية خلال ألف وخمسمائة عام ".
فسحب (حورس) ابن (باعنخ) يده من تعويذته السحرية، وأعطى (حورس) ابن الزنجية وأمه الزنجية مركباً سماوية. فرحلا إلى وطنهما بلاد الزنج ".
كانت هذه هي القصة التي رواها (سى أوزير) أمام الفرعون، وشعب مصر ينصت إليه. وقد شهد (سي توم) و أبوه كل ما وقع بينما كان الأمير الحبشي راقداً على الأرض.
بعدئذ قال (سي أوزير) : " أقسم بك يا مولاي العظيم، أن هذا الرجل الراقد أمامك ليس إلا (حورس) ابن الزنجية، الذي رويت قصته، والذي لم يندم على ما اقترفه من قبل. فقد جاء الآن – بعد مرور ألف وخمسمائة عام - إلى مصر لكي يعمل فيها السحر، وبحق "أوزيريس"، الإله العظيم، وسيد العالم الأخر، الذي إليه مثواي، أنا لست إلا (حورس) ابن (باعنخ)، الواقف أمام الفرعون الآن. فعندما كنت في العالم الأخر وعلمت أن العدو الحبشي يريد عمل السحر في مصر، ولا يوجد في مصر في هذا الوقت كاتب جيد أو رجل عالم، أديت الصلاة أمام "أوزيريس"، في العالم الأخر، كي يطلقني إلى الأرض مرة أخرى، لكي أحول دون فضح مصر في بلاد الزنج، فصدر أمر "أوزيريس" بإنزالي إلى الأرض. فصحوت وطرت في السماء، لكي أعثر على (سي توم) ابن الفرعون، على تلال (أون) أو تلال (منف). ثم إنني نموت في شجيرة بطيخ، بغية العودة إلى جسد إنسان، حتى أولد مرة أخرى ؛ لأعمل السحر ضد العدو الحبشي، الواقف الآن (هنا) في البلاط " .
ثم ألقى (حورس) ابن (باعنخ)–  المتخذ هيئة (سي أوزير)– بتعويذة سحرية على الأمير الحبشي، فأحاطه بالنيران من كل جانب، فأتت عليه، بينما الفرعون وشعب مصر يشاهدون ذلك. وبعدئذ صار (سي أوزير) ظلاً، واختفى من أمام الفرعون و(سي توم) أبيه، ولم يره بعد ذلك، فاعترت الدهشة العظيمة الفرعون وكبار رجاله لما رأوه في البلاط، وقالوا : " الآن لا يوجد كاتب كامل ورجل عالم مثل (حورس) ابن (باعنخ)، وبعده لن يوجد مثله أبداً ".
أما (سي توم) ففغر فاهه، وصرخ صرخة مدوية، لأن (سي أوزير) صار ظلاً، و لم يستطع رؤيته بعد ذلك .
وكان أن نهض الفرعون–  في البلاط–  وبقلبه اضطراب عظيم بسبب ما رآه، وأمر بإقامة الطقوس لـ(سي توم)، كي يستطيع الحصول على ابن بديل لابنه (سي أوزير)، يفرح به قلبه .
وفي المساء ذهب (سي توم) إلى قصره بقلب مفعم بالحزن. ولما رقد مع (مح أوزشت) حملت منه في نفس الليلة. وبعد تسعة أشهر ولدت طفلاً اسمته (أوزي مونت حور).

ولم يدع (سي توم) أية مناسبة دون أن يقدم القرابين لروح (حورس) ابن (باعنخ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سى – أوزير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البعبع (شيخ الحب) وزيرداخليةالشيطان :: البعبع :: الارشيف-
انتقل الى: